نظرة عامة

يشير التهاب الدماغ المناعي الذاتي إلى مجموعة من الحالات المرَضية التي تُسبب التورّم في الدماغ. ويحدث هذا التورّم بسبب مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا الدماغ عن طريق الخطأ. قد تتباين أعراض التهاب الدماغ المناعي الذاتي، ولكنها قد تشمل فقدان الذاكرة، واضطرابات في التفكير، وتغيرات سلوكية، ونوبات صرع.

يختلف التهاب الدماغ المناعي الذاتي عن التهاب الدماغ الناتج عن العدوى الفيروسية أو البكتيرية، والذي يُعرف باسم التهاب الدماغ المُعدي. لا ينشأ التهاب الدماغ المُعدي عن استجابة مناعية، ويتطلب علاجًا بأدوية مُغايرة. توصلت الأبحاث إلى أن عدد حالات التهاب الدماغ المناعي الذاتي مُقارب لعدد حالات التهاب الدماغ المُعدي.

ما يزال السبب الدقيق لالتهاب الدماغ المناعي الذاتي (AE) غير محدد تمامًا لدى الخبراء. في حالات معينة، قد يحدث التهاب الدماغ المناعي الذاتي بسبب أورام سرطانية أو عدوى محددة. ومن المحتمل كذلك أن يكون لبعض الأدوية دورًا في تحفيز التهاب الدماغ المناعي الذاتي. الأشخاص المصابون بأمراض المناعة الذاتية أو الذين لديهم سيرة مرَضية عائلية للإصابة بهذه الأمراض قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الدماغ المناعي الذاتي. يستخدم اختصاصي الرعاية الصحية عدة اختبارات لتشخيص التهاب الدماغ المناعي الذاتي.

قد يؤدي التهاب الدماغ المناعي الذاتي، في حال عدم علاجه، إلى مضاعفات خطيرة تصل إلى الوفاة. لكن العلاجات قد تضمن الشفاء من المرض. يتعافى العديد من المصابين بالتهاب الدماغ المناعي الذاتي تمامًا، بينما قد يصاب البعض الآخر بأعراض مستمرة.

الأعراض

قد تختلف أعراض التهاب الدماغ المناعي الذاتي من شخص لآخر. ولكن الأعراض قد تظهر وفق نمط متوقع يختلف باختلاف نوع مرض التهاب الدماغ المناعي الذاتي. ومن الأعراض التي تظهر على معظم المرضى: الصُّداع والحمى بالإضافة إلى أعراض أخرى للعدوى يتبعها:

  • أعراض نفسية قد تشمل القلق ونوبات الهلع والتغيرات في السلوك والانفعال والهلوسات والأوهام وصعوبة تنظيم الأفكار.
  • مشكلات في الذاكرة.
  • صعوبات في الكلام، مثل قلة الكلام أو تكرار الكلمات أو العبارات.
  • حركات لا إرادية.
  • نوبات صرع.
  • تغيرات في مستوى الوعي.
  • قلة النوم في بداية المرض يتبعه إفراط في النوم خلال فترة التعافي.

في بعض الأحيان، قد يسبب التهاب الدماغ المناعي الذاتي نوبات تشنجية حادة تتطلب رعاية طارئة، يُطلق عليها الحالة الصرعية. وتستمر هذه النوبات لأكثر من خمس دقائق أو تحدث الواحدة تلو الأخرى بينما يكون المريض فاقدًا للوعي.

وقد تتفاقم أعراض التهاب الدماغ المناعي الذاتي مع مرور الوقت. ويُعرَّف مسار هذا المرض بأنه مسار تصاعدي. كذلك قد تقل حدة الأعراض أو تتفاقم من وقتٍ لآخر. ويتخذ مسار هذا المرض النمط الناكس الهاجع. وهذا المسار تتفاوت فيه حدة الأعراض كما هو الحال في مرض التصلُّب المتعدِّد.

متى تجب زيارة الطبيب

احصل على الرعاية الطبية الطارئة إذا كنت أنت أو شخص معك مصابًا بأعراض خطيرة لالتهاب الدماغ المناعي الذاتي (AE). يتضمن ذلك حدوث نوبات صرع تستمر أكثر من خمس دقائق أو تحدث واحدة تلو الأخرى مع فقدان الوعي. اطلب أيضًا الرعاية الطبية الطارئة للحُمى الشديدة أو صعوبة التنفس.

زُر اختصاصي الرعاية الصحية على الفور إذا كانت لديك أي أعراض أخرى لالتهاب الدماغ المناعي الذاتي، حيث يمكن أن يصبح التهاب الدماغ المناعي الذاتي خطيرًا بسرعة إذا لم يُعالَج.

الأسباب

أسباب التهاب الدماغ المناعي الذاتي غير معروفة. يحدث التهاب الدماغ المناعي الذاتي، المعروف أيضًا بالاختصار AE، عندما يهاجم الجهاز المناعي خلايا الدماغ السليمة عن طريق الخطأ.

الأجسام المضادة جزءٌ من الجهاز المناعي. وتساعد على حماية الجسم من الفيروسات والبكتيريا والأجسام الأخرى التي قد تُسبب الأمراض. لكن في التهاب الدماغ المناعي الذاتي، تستهدف الأجسامُ المضادة مستقبلات معينة في الدماغ وتهاجمها. ويؤدي ذلك إلى تورّم في الدماغ، يُعرف أيضًا بالتهاب الدماغ، إضافة إلى أعراض أخرى.

قد يحدث التهاب الدماغ المناعي الذاتي بسبب:

  • بعض أنواع السرطان. وعند حدوث ذلك، يُعرف باسم التهاب الدماغ المناعي الذاتي المصاحب للورم.
  • العَدوى، مثل العَدوى بفيروس الهربس البسيط.
  • بعض الأدوية، مثل الأجسام المضادة أحادية النسيلة والأدوية المثبطة للمناعة بعد عمليات الزرع.

من المرجح أن يحدث التهاب الدماغ المناعي الذاتي لدى الأشخاص المصابين بأمراض في المناعة الذاتية أو لديهم سيرة مرَضية عائلية قوية للإصابة بهذه الأمراض.

الأنواع

توجد عدة أنواع من التهاب الدماغ المناعي الذاتي. وتحدث جميع أنواع التهاب الدماغ المناعي الذاتي نتيجة مهاجمة الجهاز المناعي لمستقبلات مختلفة في الدماغ. ومن أنواع هذا الالتهاب وأسبابه ما يلي:

  • التهاب الدماغ بمضادات مستقبلات N -ميثيل- D - أسبارتام. وهو النوع الأكثر شيوعًا من التهاب الدماغ المناعي الذاتي، وفيه تهاجم الأجسام المضادة مستقبلات N -ميثيل- D - أسبارتام الموجودة في الدماغ. ويُصيب غالبًا الفتيات الشابات والأطفال، ويمكن أن يُسبب حدوث نوبات الصرع وحركات غير طبيعية في الوجه والذهان وأعراض أخرى.
  • التهاب الدماغ بمضادات مستقبلات حمض الغاما أمينوبوتيريك B. يرتبط هذا النوع من التهاب الدماغ المناعي الذاتي بوجود ورم، وغالبًا يكون سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة. يمكن أن يُسبب هذا النوع من التهاب الدماغ حدوث نوبات الصرع والتشوش الذهني وفقدان الذاكرة. ويبلغ متوسط العمر عند تشخيص هذا المرض 60 عامًا.
  • التهاب الدماغ بمضادات مستقبلات حمض الغاما أمينوبوتيريك A. تُشخَّص حالة الإصابة بهذا النوع من التهاب الدماغ المناعي الذاتي لدى البالغين عادةً في سن الأربعين تقريبًا، لكنه يمكن أن يُصيب الأطفال أيضًا. يمكن أن يُسبب هذا الالتهاب نوبات الصرع واضطرابات الحركة وتغيرات في التفكير والسلوك.
  • التهاب الدماغ بمضادات مستقبلات AMPA. يُصيب هذا النوع من التهاب الدماغ المناعي الذاتي السيدات عادةً، وقد يُسبب التشوش الذهني وفقدان الذاكرة. ويبلغ متوسط العمر عند تشخيص هذا المرض 62 عامًا.
  • التهاب الدماغ الحوفي المرتبط بمضادات LGI1. يصيب هذا النوع من التهاب الدماغ المناعي الذاتي الرجال غالبًا. وقد يُسبب فقدان الذاكرة والتشوش الذهني ونوبات الصرع. ويبلغ متوسط العمر عند تشخيص هذا المرض 60 عامًا.
  • التهاب الدماغ المرتبط بمضادات CASPR2. من الأعراض التي تظهر غالبًا لدى المصابين بهذا النوع من التهاب الدماغ المناعي الذاتي التشوش الذهني وفقدان الذاكرة واضطرابات النوم وألم الأعصاب وغيرها من الأعراض. كما يمكن أن يُسبب هذا الالتهاب مرضًا نادرًا يُعرف بمتلازمة مورفان، والتي قد تؤدي إلى حدوث الهلاوس وفقدان الذاكرة وتغيرات في ضغط الدم وتقلصات مؤلمة. والرجال أكثر عُرضة من غيرهم للإصابة بهذا النوع من التهاب الدماغ المناعي الذاتي. ويبلغ متوسط العمر عند تشخيص هذا المرض 60 عامًا.
  • التهاب الدماغ المرتبط بمضادات IgLON5. تظهر لدى المصابين بهذا النوع من التهاب الدماغ المناعي الذاتي بعض الأعراض أثناء النوم، مثل قيامهم ببعض السلوكيات والحركات غير الطبيعية بعد استغراقهم في النوم. ويبلغ متوسط العمر عند تشخيص هذا المرض 64 عامًا.

عوامل الخطورة

تشمل عوامل الخطورة المرتبطة بالتهاب الدماغ المناعي الذاتي ما يلي:

  • الإصابة بالتهاب الدماغ المناعي الذاتي من قبل، وخاصة إذا لم يُعالج.
  • الإصابة بالتهاب الدماغ الهربسي البسيط سابقًا.
  • استخدام أجسام مضادة أحادية النسيلة أو أدوية مثبطة للجهاز المناعي بعد عمليات زرع الأعضاء.
  • الإصابة بورم، خاصةً سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة.

يجري الباحثون دراسات للكشف عما إذا كانت توجد جينات معينة مرتبطة بالإصابة بالتهاب الدماغ المناعي الذاتي.

المضاعفات

وقد تؤدي الحالات الشديدة لالتهاب الدماغ المناعي الذاتي إلى مضاعفات مثل:

  • نوبات الصرع التي تتطلب رعاية طارئة، فيما يُعرف بالحالة الصرعية. يمكن أن تؤدي مهاجمة جهاز المناعة للدماغ إثر التهاب الدماغ المناعي الذاتي إلى حدوث نوبات تشنجية وإلى الإصابة بالصرع المناعي الذاتي. في بعض الأحيان، قد تستمر نوبات الصرع لأكثر من خمس دقائق أو تحدث واحدة تلو الأخرى. ولا يكون الشخص واعيًا بين نوبات الصرع. وتُعرف نوبات الصرع الخطيرة هذه بالحالة الصرعية.
  • عدم وصول كميات كافية من الهواء إلى الرئتين، فيما يُعرف بالفشل التنفسي. قد يحتاج المصابون بالفشل التنفسي إلى علاج يعتمد على استخدام آلة تساعدهم على التنفس، فيما يُعرف بالتنفس الاصطناعي.
  • مشكلات تتعلق بسرعة القلب وارتفاع ضغط الدم يمكن أن يؤثر التهاب الدماغ المناعي الذاتي في سرعة القلب وضغط الدم والهضم والتبول، والتي تُعرف بالوظائف اللاإرادية.
  • الحُمّى قد يعاني مرضى التهاب الدماغ المناعي الذاتي من الحُمّى الشديدة.

ومن المضاعفات المحتملة الأخرى أن تعاود هذه الحالة المرَضية الظهور بعد التعافي، فيما يُعرف بالانتكاس. ويُرجح حدوث الانتكاس لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الدماغ الحوفي بمضاد LGI1 أو التهاب الدماغ المرتبط بمضاد CASPR2.

الوقاية

لا تكون الوقاية من التهاب الدماغ المناعي الذاتي ممكنةً دائمًا. ولكن يمكن أن يساعدك خضوعك لفحوصات الأورام الطبيب في الكشف عنها وعلاجها مبكرًا. قد يساعد ذلك على الوقاية من التهاب الدماغ المناعي الذاتي الذي تحفزه السرطانات. تحدث مع الطبيب بشأن المخاطر المحتملة للإصابة بالسرطان وما إذا كان يوصي بإجراء فحوصات للكشف عن السرطان أم لا.